في زحمة الحياة المتسارعة، تتجدّد الأسئلة حول دور الأم داخل البيت، وكيف يمكن لها أن تبني توازنًا بين ما ورثته من أساليب تربية قديمة، وبين واقعٍ حديث يفرض لغته وإيقاعه على الأجيال الجديدة.
لكن الحقيقة التي باتت واضحة اليوم، هي أنّ الأم لا تستطيع أن تنظر إلى أولادها بوصفهم “نسخة عنها”، أو امتدادًا صارمًا لتجربتها الشخصية… فالثقافات تتغيّر، والحياة تتطوّر، وما يصلح لجيلٍ مضى قد لا يكون بالضرورة مناسبًا لجيلٍ يعيش في عالم مفتوح، سريع، ومليء بالأسئلة.
إنّ محاولات بعض الأمهات لفرض نمط تربوي واحد، أو مهاجمة اختيارات أولادهن، لا تؤدي إلّا إلى مزيد من التوتر داخل العائلة. فالتربية لم تعد قائمة على الأوامر وحدها، بل على الحوار، والاحتواء، ومشاركة الطريق.
وإذا كانت الأم تريد لأولادها الخير، فإنّ أفضل ما يمكن أن تقدّمه لهم هو أن تكون قريبة منهم، صديقة لقلقهم، ومرشدة لخطواتهم؛ لا أن تُخضعهم لمقاييس ثابتة ترفض التغيير.
لا أحد يطلب “تربية حديثة” بمعناها المنفلت، ولا “نسخًا مطابقة” لتربية الأم القديمة؛ بل المطلوب هو تربية صالحة وهادفة، تحافظ على الأخلاق والقيم، وتسمح في الوقت نفسه بمساحة للنموّ والتفكير وتحمّل المسؤولية.
فالأم التي تُدرك أنّ الزمن تغيّر، وتُصرّ على أن تبقى السند لا السيف، والصوت الهادئ لا الصوت القاسي، هي الأم التي تنجح فعلًا في بناء بيتٍ مطمئن وأبناءٍ واثقين. ليست المسألة أن تتخلّى عن مبادئها، بل أن تعرف كيف تُوصلها بمحبة وحكمة… فالتربية لا تُقاس بقدر ما نفرضه على أولادنا، بل بقدر ما نصنعه فيهم من وعي، وأمان، وقدرة على مواجهة الحياة بقلوبٍ قوية ورؤوسٍ مرفوعة.
-الرئيسية- 11/12/2025
الأم… بين إرث التربية ومسؤولية مواكبة العصر
2025-12-11 13:01
رنا نحلة
116 مشاهدة
1 دقائق قراءة
صورة رئيسية
لمتابعة المزيد من الأخبار يمكنكم الاشتراك بقناتنا على الواتساب: Whatsapp Channel
يوتيوب: youtube.com/4
تلغرام: Telegram
شارك المقال
منوعات
الرئيسية
أخبار